الأحد، 13 أبريل 2008

كتاب إفشال هتلر .. توقعات بنهاية اسرائيل في كتاب لرئيس الكنيست السابق

د. الياس سمعو*
" إسرائيل الآن هي "كارثة فاشية" تقترب من أن تصبح ألمانيا النازية".
" الصهيونية كانت وسيلة لتأسيس الدولة وانتهت".
" صهيونيتنا الآن تجابه العالم بأكمله وهي كارثة"
" اليوم الذي تلغي فيه إسرائيل سلاحها النووي سوف يكون أهم يوم في تاريخها".
" الوجود الروحي لليهود أزلي، بينما الوجود السياسي مؤقت وإسرائيل مؤقتة".
" الشعب اليهودي جوال منذ البداية وإسرائيل محطة على الطريق"
" النخبة الإسرائيلية تركت إسرائيل، وبدون نخبة لا يوجد دولة."
" اليوم نحن أموات... لم نسمع الخبر بعد ولكننا أموات. التجربة غير ناجحة."
" فكرة دولة يهودية غير مقبولة... غير ناجحة... تعريفها بأنها دولة يهودية هو مفتاح نهايتها "

كتاب "إفشال هتلر"
تأكيدا للمثل العربي القائل " وشهد شاهد من أهله " في هذه الحالة "الشاهد" ليس أي رجل كان... فهو نخبوي بامتياز على الساحة السياسية الإسرائيلية والصهيونية الدولية. اسمه بورغ أبراهام رئيس الكنيست الإسرائيلي لمدة أربع سنوات 1999-2003 وعضو في الكنيست لمدة إحدى عشر سنة 1988-1995 و 1999-2003. ورئيس منظمة الوكالة اليهودية لمدة أربع سنوات 1995-1999. والده يوسف أبراهام من النخبة أيضا حيث كان وزيراً لمدة أربعين عاما ابتداء بحكومة بن غوريون وانتهاء بحكومة بيريز. " وأهله" هم الصهاينة والإسرائيليون ولكنه في السنوات الأخيرة بدأ يبتعد عنهم وأعلن تبرأه منهما أخيراً، في كتاب نشره منذ فترة وجيزة عنوانه " إفشال هتلر" وأعقب نشر الكتاب بلقاء صحفي طويل وجريء مع آري شافيت الصحفي المخضرم في جريدة هآرتس الإسرائيلية. وقد أثار الكتاب ابتداء من عنوانه الاستفزازي والمقابلة الصحفية ضجة إعلامية وسياسية بامتياز في إسرائيل والخارج. ونبدأ بعنوان الكتاب "إفشال هتلر" يقول بورغ أن عنوان الكتاب كان في الأساس " نجح هتلر"ولكن في آخر لحظة قبل نشر الكتاب غيرت عنوانه إلى " إفشال هتلر" والمقصود بالعنوان هو أن إسرائيل التي هي الآن كما يقول "كارثة فاشية" تقترب من أن تصبح ألمانيا النازية. ويتابع القول بأنني" لا أريد أن يحدد هتلر هويتي" أي أن لا نسمح لهتلر أن يجعل منا نازيين كرد فعل للهولوكوست.

العقد الإسرائيلية
يتكلم الكاتب عن الحاضر الإسرائيلي ويتنبأ عن مستقبل اليهود في إسرائيل. ويبدأ بانتقاد قاس إن لم أقل هجوم قاس على التجربة الصهيونية والإسرائيلية. يقول بأن " الصهيونية كانت وسيلة لتأسيس الدولة وانتهت". وينتهي بالقول أن" صهيونيتنا الآن تجابه العالم بأكمله وهي كارثة" ثم ينتقل إلى وصف إسرائيل قائلا بأنها " قاسية، امبريالية، معزولة ، سطحية، عسكرية، قاطعة طرق، مجابهة، وحشية، غيتو، صهيوني، ترتكب جرائم حرب / عربي ميت عربي أقل / تفتقد الإلهام الروحي.... كيان بدون روح... وهذا الكيان يفهم القوة فقط ...ولدى إسرائيل قوة كبيرة ولكن فقط قوة ". والسؤال هو لماذا هذا الهوس بالقوة؟ يجاوب الكاتب قائلاً أولا: " لأننا مجتمع خائف وخوفنا سببه موت الستة ملايين يهودي في الهولوكست" وهنا تكمن "عقدة الاضطهاد" لدى اليهود أي أن" العالم كله ضدنا ويكرهنا ويريد القضاء علينا". والسبب الثاني للهوس بالقوة هو " أن إسرائيل محاطة بأعداء يريدون القضاء عليها" وطبعا هذه "عقدة المسادا" التي ترجع إلى الفترة التي احتل فيها الرومان فلسطين حيث قررت فئة يهودية متطرفة المقاومة واللجوء إلى قلعة مسادا في فلسطين وبعد حصار طويل اختارت الانتحار الجماعي بدلا من الاستسلام.

وينتقل الكاتب في حديثه عن القوة إلى موضوع السلاح النووي الإسرائيلي الذي يشكل أيضا عقده لدى الإسرائيليين وهي "عقدة شمشون" أي فليكن الخراب علي وعلى أعدائي. ويتابع بورغ القول بأن " اليوم الذي تلغي فيه إسرائيل سلاحها النووي سوف يكون أهم يوم في تاريخ إسرائيل. في ذلك اليوم سنتوصل إلى صفقة مميزة مع الطرف الآخر بحيث لا نحتاج للقنبلة النووية. يجب أن يكون هذا طموحنا". يتابع الكاتب قائلا " بأن هذا الخوف الذي أصبح بارانويا أدى إلى سيطرت اليمين على نظامنا السياسي ...مما أدى إلى كارثة فاشية. هنالك أصوات في إسرائيل تقول سندمر ونقتل ونطرد.." والواقع هو أسوأ من ذلك. يتابع الكاتب "عندما كنت رئيس الكنيست تحدثت بعمق مع أعضاء الكنيست من جميع التوجهات... سمعت جماعة السلام يقولون نريد سلاما لأننا نكره العرب ولا نتحمل النظر إليهم ولا نتحملهم... وسمعت جماعة اليمين يستعملون اللغة الكهانية" واللغة الكهانية تشير إلى الحاخام المتطرف ماير كاهانا الذي اغتيل منذ عدة سنوات وكان شعاره "العربي الجيد هو العربي الميت" ويضيف الكاتب قائلا " إنني أشعر بقوة بأن هنالك احتمالا قويا سوف يمنع الكنيست الإسرائيلي في المستقبل إقامة علاقات جنسية مع العرب وسوف يستخدم وسائل إدارية لمنع العرب من استخدام سيدات تنظيف وعمال يهود... قوانين مشابهة لقوانين نورنبورغ... كل هذا سوف يحدث... وانه يحدث الآن."

الجدار الفاصل
ثم ينتقل بورغ إلى الجدار الفاصل قائلا " هو جدار ضد البارانويا بمعنى أنني سوف أبني جدارا كبيرا وسوف تنتهي المشكلة لأنني لن أراهم. الجدار يمثل نهاية حدود أوروبا أي أنه هنا تنتهي أوروبا يعني بأنك القاعدة المتقدمة لأوروبا و الجدار يفصلك عن البربر أي أنه مشابه لجدار الصين وهذا شيء محزن" وينهي الحديث عن إسرائيل قائلا " اليوم نحن أموات... لم نسمع الخبر بعد ولكننا أموات. التجربة غير ناجحة."

وجود إسرائيل ومستقبل اليهود
ما العمل إذا؟ يقول الكاتب . في تاريخ اليهود الوجود الروحي أزلي بينما الوجود السياسي مؤقت وإسرائيل مؤقتة. ويتابع قائلا بأن الشعب اليهودي جوال منذ البداية وإسرائيل محطة على الطريق. "وإذا سألنا أصدقائنا في إسرائيل هل هم متأكدون بأن أولادهم سوف يعيشون هنا, كم عدد الذين سوف يقولون نعم؟. لا تصل النسبة إلى 50 بالمئة... النخبة الإسرائيلية تركت هذا المكان وبدون نخبة لا يوجد دولة." والجواب على السؤال ما العمل هو " على كل إسرائيلي الحصول على جواز سفر أجنبي إن استطاع لأن فكرة دولة يهودية غير مقبولة... غير ناجحة... تعريفها بأنها دولة يهودية هو مفتاح نهايتها...والأسوأ من ذلك هو دولة يهودية ديمقراطية...إنها نايتروغليسيرين" ( سريعة الانفجار) يقول بورغ "عاش اليهود في ألمانيا ألف سنة مدهشة ورائعة وانتهت فان مستقبلنا ومحطتنا النهائية هي في أميركا حيث خلق اليهود هنالك وضعا من الممكن أن يكون الغوي “Goy” (الغير يهودي) والدي وأمي وابني وشريكي. الغوي هنالك ليس عدائيا بل حاضنا وهذا يعني ظهور تجربة يهودية في الاندماج وليس الفصل وهذا شيء مفقود هنا حيث الغوي كما كان في الغيتو مجابها وعدائيا ". يؤكد الكاتب نهاية إسرائيل الحتمية و يقترح خياراً واحداً فقط! لليهود في إسرائيل وهو الهجرة إلى أميركا. ولكن هذا ليس الخيار الأوحد برأي لأن هنالك خياراً آخراً، فليرحل من يريد الرحيل وليبقى من يريد البقاء. كان هنالك دائما يهود يعيشون في العالم العربي كأقلية دينية آمنة وسالمة في حارات عرفت بحارات اليهود في الكثير من المدن العربية كحارة اليهود في دمشق وحلب وبغداد وغيرها من المدن ولتصبح إسرائيل حارة اليهود في العالم العربي يسكنها اليهود الذين رفضوا الهجرة وفضلوا البقاء بيننا كما فعل أسلافهم في الماضي.

هذا قسم مما قاله بورغ وهو ربما أكثر مما سمح العرب لأنفسهم قوله عن الصهيونية وإسرائيل وأكثر مما سمح للعالم الغربي والولايات المتحدة بشكل خاص قوله خوفا من تهمة اللاسامية والعداء لإسرائيل. لقد نشرت في الماضي كتب في أميركا تنتقد الصهيونية وإسرائيل ولكن تلك الكتب ولدت ميتة أي أنها نشرت ولكنها لم توزع أو تباع في المكتبات المشهورة ولم تناقش في وسائل الإعلام بشكل حر وفعال واختفت من الساحة بسرعة لأنه لم يكن هنالك في الماضي نقاش حر على الساحة الثقافية والسياسية والإعلامية الأميركية وحتى الأوروبية حول موضوع الصهيونية وإسرائيل. كان هذا أحد المواضيع " التابو" الممنوع نقاشها بحرية خوفا من تهمة اللاسامية والعداء لإسرائيل. ولكن خلال الأشهر الماضية نشرت عدد من الأبحاث والكتب التي بدأت تحدث شرخا في الجدار الذي أقيم حول الصهيونية وإسرائيل لمنع أي تسلل فكري عدائي أو حتى نقاش حر دون الخوف من إلصاق التهم التقليدية والمعروفة باللاسامية والعداء لإسرائيل. ومن هذه المنشورات كتاب " فلسطين: سلام وليس أبرتايد" للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر ذو المصداقية الكبيرة ثم كتاب " التغلب على الصهيونية" للمفكر الأميركي جويل كوفل وكتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأميركية الخارجية" للبروفسورين والت و ميرشهايمر. هذه المنشورات وغيرها توجه انتقادات لاذعة للصهيونية والتمييز العنصري في إسرائيل ومستقبلها الغير واعد وتتكلم عن النفوذ الصهيوني في أميركا. وبعكس ما كان يحدث لمثل هذه الكتب في الماضي فان هذه الكتب الجديدة النشر توزع وتباع وتناقش في المجتمع الأميركي بحرية أكثر من أي وقت مضى. ما فعله بورغ هو إعطاء الشرعية للحديث عن عدم شرعية إسرائيل وإعطاء العرب وغيرهم سلاحا يستخدموه في الحوارات والنقاشات والجدل مع الإسرائيليين وأصدقائهم وفتح الكاتب الباب واسعا على الصهيونية وإسرائيل وأصدقائها دون خوف.

ليست هناك تعليقات: