الاثنين، 14 أبريل 2008

الشرق الأوسط في مذكرات بيل كلينتون (4)

عندما كنت في طريقي عائداً من روسيا، توقفت في جنيف لحضور أول اجتماع لي مع الأسد رئيس سورية. لقد كان رجلاً قاسياً ولكن متقد الذكاء. وقد قام مرة بضرب مدينة كدرس لخصومه، والذي أدى دعمه للجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط إلى عزل سورية عن الولايات المتحدة. نادراً ما كان الأسد يترك سورية، وعندما كان يفعل ذلك فقد كان يتوجه في الغالب الأعم إلى جنيف ليلتقي بالزعماء الأجانب. خلال زيارتنا، كنت متأثراً بذكائه وبتذكره الذي يكاد يكون كلياً لتفاصيل أحداث تعود إلى ما يزيد عن عشرين سنة خلت. كان الأسد معروفاً باجتماعاته المطولة. فقد كان بإمكانه الاستمرار لست أو سبع ساعات دون أن يأخذ استراحة. أنا على الجهة الأخرى كنت متعباً واحتجت لشرب القهوة والشاي، أو الماء للبقاء مستيقظاً. لحسن الحظ، استغرق الاجتماع بضع ساعات فقط. وأثمر حوارنا الأمرين اللذين أردتهما: أول تصريح واضح للأسد بأنه كان مستعداً لإجراء سلام ولإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل، والتزامه بسحب جميع القوات السورية من لبنان واحترام استقلاله ما أن يتم التوصل إلى سلام في شرق أوسطي شامل. كنت أعرف أن نجاح الاجتماع نتج عما هو أكثر من مجرد عوامل شخصية، لقد تلقى الأسد الكثير من الدعم الاقتصادي من الاتحاد السوفييتي سابقاً، والذي كان قد ذهب الآن، ولهذا فقد كان محتاجاً للتواصل مع الغرب. وليفعل ذلك كان عليه أن يتوقف عن دعم الإرهاب في المنطقة، الأمر الذي سيكون سهلاً إذا ما عقد اتفاقية مع إسرائيل تنجح في إرجاع مرتفعات الجولان إلى سورية، والتي كانت قد خسرتها في حرب 1967.
* * *
الفصل التاسع والثلاثون، ص609ـ610
في 25 تموز، قدم كل من الملك حسين ورئيس الوزراء إلى المحافظة لتوقيع إعلان واشنطن، والذي ينهي رسمياً حالة الحرب بين الأردن وإسرائيل، وليلزما نفسيهما بالتفاوض على اتفاقية سلام شامل. كانت هناك محادثات سرية لبعض الوقت، وقد عمل كريستوفر بجد لتسهيل أمر اتفاقيتهما. في اليوم التالي، تحدث القائدان للكونغرس، وعقدنا ثلاثتنا مؤتمراً لإعادة التأكيد على التزامنا بالسلام الشامل الذي سيشتمل على جميع الأطراف في صراع الشرق الأوسط.
وقفت الاتفاقية الإسرائيلية ـ الأردنية موقف شديد المعارضة تجاه الهجمات الأخيرة ضد المركز اليهودي في بينوس أيريس، وتجاه الهجمات الأخيرة في بنما ولندن، والتي يعتقد أن حزب الله كان مسؤولاً عنها كلها. كانت إيران تقوم بتسليح حزب الله، وسورية تقوم بمساعدته في إدارة العمليات ضد إسرائيل من جنوب لبنان. وبما أن معاهدة السلام لم تكن لتكتمل دون اتفاقية بين إسرائيل وسورية. فقد مثل ناشطو حزب الله عقبة حقيقية محتملة. وقد اتصلت بالرئيس الأسد لأخبره بالإعلان الإسرائيلي الأردني، ولأطلب منه أن يدعمه، ولأطمئنه بأن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا لا تزالان ملتزمتين بمفاوضات ناجحة مع بلاده. لقد ترك رابين الباب مفتوحاً للمحادثات مع سورية بقوله أن السوريين يستطيعون الحد وليس إنهاء نشاطات حزب الله. وكان رد الحسين بأنه ليس على سورية أن تتبع خطى الأردن وحسب في الصلح مع إسرائيل بل على العالم العربي بأسره أن يفعل ذلك أيضاً.
وقد أنهيت أيضاً المؤتمر الصحفي بالقول بأنه لا بد أن الحسين ورابين قد وضعا السلام في الجو حول العالم بأسره ذلك أن بولس يلتسين كان قد أخبرني للتو أنه قد اتفق هو والرئيس ميرني على انسحاب الجنود الروسيين من استونيا في 31 آب.
* * *
الفصل الخامس والأربعون، ص689
في منتصف الشهر (شهر تشرين الثاني 1995) جاء شمعون بيريز لرؤيتي لأول مرة كرئيس للوزراء، وليؤكد ثانية على عزم إسرائيل على إعادة غزة وأريحا ومدن رئيسية أخرى و450 قرية في الضفة الغربية إلى الفلسطينيين مع حلول عيد الميلاد، ولإطلاق سراح ألف فلسطيني آخر على الأقل قبل الانتخابات الإسرائيلية التالية. وقد تناولنا كذلك موضوع سورية، وقد شجعني ما قاله شمعون بيريز لأجري اتصالاً مع الرئيس الأسد ولأطلب منه رؤية وارن كريستوفر حول الموضوع.
* * *
الفصل السادس والأربعون، ص 708 ـ 709
في الرابع والعشرين من الشهر عدت إلى الوطن، ولكني لم أبتعد عن شؤون السياسة الخارجية، فقد كان الرئيس إلياس الهراوي، رئيس لبنان، في البيت الأبيض في وقت حاسم في الشرق الأوسط. فكرد على وابل صواريخ الكاتيوشا الذي أطلقه حزب الله على إسرائيل من جنوب لبنان، قام شمعون بيريز بالأمر بهجمات مضادة تسببت في قتل الكثير من المدنيين، (يقصد مذبحة قانا) لقد كان لدي تعاطف كبير مع لبنان، فهو عالق في الصراع بين إسرائيل وسورية، وكان مملوء بالنشاط الإرهابي. وقد أعدت تأكيدي على دعم أمريكا الثابت لقرار مجلس الأمن 425، والذي يدعو إلى لبنان مستقل فعلاً.
لم تكن أخبار الشرق الأوسط كلها سيئة، فبينما كنت أجتمع بالرئيس إلياس، استطاع ياسر عرفات أن يقنع المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعديل مبادئها للاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، وهو تغيير سياسي بالغ الأهمية بالنسبة للإسرائيليين. بعد يومين استطاع وارن كريستوفر، ومبعوثنا إلى الشرق الأوسط دنيس روس أن يتوصلا إلى اتفاقية بين إسرائيل ولبنان وسورية لإنهاء الأزمة اللبنانية ولتمكيننا من العودة إلى عمل السلام. (يقصد تفاهمات نيسان).
وقد جاء شمعون بيريز لرؤيتي في آخر الشهر (آذار)، لتوقيع الاتفاقية التعاونية ضد الإرهاب والتي اشتملت على 50 مليون دولار من أجل جهودنا المشتركة لتقليل تعرض إسرائيل لذلك النوع من الهجمات الانتحارية والتي تسببت بالكثير من الخراب والحزن.
قبل أسبوع واحد فقط من ذلك، وقعت مرسوماً ضد الإرهاب، والذي أقره الكونغرس أخيراً، بعد مرور سنة كاملة على حادث أوكلاهوما. في النهاية، حاز القانون على دعم قوي من كلا الحزبين بعد إلغاء الفقرات (من القانون) التي توجب وجود علامات يمكن تتبعها في المساحيق السوداء أو التي لا تصدر دخاناً ويمنح السلطات الفيدرالية القدرة على التصرف بوضع أجهزة تنصت جوالة على الإرهابيين المشتبه بهم والذي كان يمكن استخدامه ضد عناصر الجريمة المنظمة. كان القانون سيمنحنا المزيد من الأدوات والمصادر لمنع الهجمات الإرهابية، وإعاقة المنظمات الإرهابية، وإحكام السيطرة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية. وقد وافق الكونغرس كذلك على السماح لنا بوضع مواد كيميائية في متفجرات بلاستيكية وترك لنا الخيار مفتوحاً فيما إذا تطلب الأمر وضعها في أنواع أخرى من المتفجرات غير الممنوعة قانونياً

ليست هناك تعليقات: