الأخوة الزائفة
القصة المذهلة للمكائد والديبلوماسية الخبيثة
لإخضاع البشرية والسيطرة عليها...
ترجمة : أحمد اليازوري
القصة المذهلة للمكائد والديبلوماسية الخبيثة
لإخضاع البشرية والسيطرة عليها...
ترجمة : أحمد اليازوري
مقدمة المترجم:
كثيرة هي الكتب التي نشرت عن الصهيونية ونشاطها العالمي ومؤامراتها ضد مختلف الدول والبشرية بشكل عام.. ولكن هذا الكتاب فريد من نوعه، فكاتبه أمريكي نال مركزاً سياسياً مرموقاً، دونه بعد دراسة دقيقة وتحريات واسعة عبر سنوات طويلة. إنه (جاك تني)، عضو مجلس شيوخ ولاية لوس أنجلوس سابقاً، ورئيس لجنة شكلت لمهمة خاصة، قدم كتابه قائلاً:
(إن هذا الكتاب ليس إلا صرخة لأبناء الولايات المتحدة والغرب والعالم أجمع، يحذرهم من الصهيونية التي تسعى للسيطرة على البلاد وتغيير معالمها، وتدمير الأمم والقضاء على كافة الأديان..)
(إنها القوى الصهيونية الخفية التي ورطت أمريكا في الحروب العالمية والحروب الفرعية الأخرى !! والقوى الصهيونية هي التي ستكون السبب في حرب عالمية ثالثة لإخضاع الدول العربية لإسرائيل وجعلها دويلات قزمة تدور في فلكها).
إنها قصة الصهيونية واليهود عبر التاريخ، ونشاطاتهم ومنظماتهم العالمية والمحلية، والأدوار التي لعبوها في إثارة الفتن والحروب ونشر المبادئ الهدامة، ودخول كل الميادين وتوجيه الصراعات من خلف الستائر، وكانت حكمتهم تقول (السيطرة على الملك أفضل من الجلوس على العرش).
وتعود قصة هذا الكتاب إلى سنة 1953 عندما أحست حكومة ولاية كاليفورنيا بأمريكا أن نشاطات غريبة وسرية وقوى خفية تسيطر على اقتصاد الولاية والنشاطات الحيوية فيها، فأوكلت إلى (جاك تني) وعدد من زملائه مهمة جمع المعلومات وتقصي الحقائق. وكان المؤلف أثناء بحثه يتلقى التهديدات بالموت ومضايقات سافرة وصلت إلى حد التلصص على هاتفه وشن حملات عليه في الصحافة.. ولكنه واصل البحث والتقصي، وكانت التقارير تجمع والمعلومات تتجمع، ولكنها كانت تتعرض للسرقة والحرق، لكن المؤلف ثبت حتى تجمعت كل المعلومات، وما أن أوشك على تقديم التقرير الضخم للحكومة حتى اختفى كل شيء. لكنه دون ملخصاً لذلك في كتاب ما كاد يخرج من المطبعة حتى اختفى من السوق.
فقد أحرقت الصهيونية والأجهزة الحليفة لها في العالم كل نسخ هذا الكتاب عندما صدر في الولايات المتحدة، ولم تبق منه إلا نسخ أقل من عدد أصابع اليد، منها هذه النسخة والتي كان للأستاذ (الصالحين نتفه) الجهود الموفقة في الوصول إليها عن طريق صديق للمؤلف نفسه.. وقد قمت بترجمته على حلقات في صحيفة (الفاتح) الليبية، ثم أعدت ترجمته للنشر إيماناً بأن من الواجب أن يوزع على نطاق عربي وعالمي.
يتابع المؤلف في فصول الكتاب المتتالية تحليل الشخصية اليهودية من خلال التلمود، كتابهم المقدس المليء بالخرافات والحقد على كل ما هو غير يهودي، والعداء لكل الشعوب الأخرى.
ويروي قصة تأسيس الصهيونية على يدي هرتزل، ويفصل في عرض وتقصي النفوذ المالي اليهودي في الغرب على أيدي أسرة آل روتشيلد ودور اليهود وبعض أفراد هذه الأسرة في الحرب العالمية الأولى والثانية، وكيف تحالفوا مع النازية في بداية الثانية، ثم ميلهم الواضح إلى الحلفاء عندما أدركوا رجحان كفتهم، ويبين كيف دفعوا (الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية ضد الألمان، تماماً كما حدث سنة 1917، ولو لم تتدخل الولايات المتحدة لما كان الصهاينة يحتلون اليوم أراضي العرب الفلسطينيين).
ويكشف (تني) دور يهود روسيا من الحركة الصهيونية العالمية، ويعود مع التاريخ إلى (يهود خزر) الذين اعتنقوا اليهودية في نهاية القرن الثامن عشر وتعصبوا لها كما لم يتعصب لها قوم آخر من اليهود.. ومنهم في روسيا، وعلى أيديهم قامت الثورة الشيوعية، وقادوا هم مظاهرات الخراب والدمار، وعندما افتلتت زعامة الكرملين من أيديهم هاجر الكثير منهم إلى الولايات المتحدة حاملين معهم نفس المبادئ والتعصب العجيب، وعاشوا فيها قوماً داخل أحياء (الغيتو) مع العمل في نفس الوقت على التخريب داخل المجتمع الأمريكي والسيطرة على اليهود، وعلى الكثير من أوجه الحياة فيها. ويعري المؤلف النشاطات السرية الصهيونية هناك وتنظيماتهم المتعددة العاملة تحت ستار محاربة معاداة السامية والافتراء، ودورهم في السيطرة على الإعلام الأمريكي، وخاصة الإذاعات ودور النشر، وتوجيه السياسة الأمريكية ومهازل انتخابات الرئاسة.. ثم يبين وسائل الصهيونية في السيطرة على اليهود الأمريكيين وابتزاز المال ونشر الرعب بينهم وإيهامهم أن الأشباح تطاردهم ولا سبيل لهم إلا التضامن مع المؤسسات اليهودية.
ويتحدث المؤلف عن مأساة (اغتصاب الأرض المقدسة)، وأساليب اليهود الإرهابية هناك، وكيف لعبت أمريكا وبريطانيا الدور الأكبر في قيام إسرائيل، وكيف كتب اليهود نص وعد بلفور ومن أوصله إلى الرئيس الأمريكي ليمليه على حكومة (صاحبة الجلالة) البريطانية.
وهناك حقيقة تخفى عن معظم الناس، وهي أن سنة 1897 شهدت مولد منظمتين يهوديتين الأولى: (الجمعية الاشتراكية اليهودية) لتدمير الحكومات والأديان والسيطرة على العالم. والثانية (المنظمة الصهيونية العالمية) للاستيلاء على فلسطين. ويبين المؤلف كيف أقام اليهود النظام الرأسمالي الربوي ودعموه في الغرب، وقادوا الثورة الشيوعية في الشرق، وذلك كله للسيطرة على العالم ومد أخطبوطهم في كل مكان.
وإذا كان المؤلف يؤكد على الصلة بين الشيوعية والصهيونية فهذا أمر واضح. وإذا كانت الصهيونية وإسرائيل حليفة للغرب ولأمريكا بالذات، فلأن مصالحها تتحقق بذلك التحالف. وإذا كان هناك عداء يبدو بين إسرائيل والكتلة الشيوعية، فلأن المصالح تباعدت، ولكن تبقى الحقيقة الكبرى، وهي أن الصهيونية تتحالف مع كل شيطان أينما كان، وتسير حيث مصلحتها ومصلحة اليهود في كل مكان، وفي نفس الوقت تبقى التنظيمات اليهودية منتشرة في كل مكان، ويظل لها نفوذ في الشرق والغرب لا ينكر.
إن المطامع الصهيونية لا تقف عند حد ولا تقنع بحيز ولا مكسب محدود.. وإذا بدا للبعض أن إسرائيل ستقنع بجزء من فلسطين والأرض العربية وأنها مستعدة للتعايش مع العرب وتريد السلام، فإن ذلك سراب خادع.. فاليهود مازالوا تحت سيطرة أحفاد يهود خزر، ومازالوا يحملون في قلوبهم عبارة التوراة (شلت يميني إن نسيتك يا أروشليم). ويردد رئيس وزرائهم اليوم، بعد توقيع اتفاقيات (كامب ديفيد): (شلت يميني إن تخليت عنك يا أورشليم).
أحمد اليازوري
سبتمبر 1978
كثيرة هي الكتب التي نشرت عن الصهيونية ونشاطها العالمي ومؤامراتها ضد مختلف الدول والبشرية بشكل عام.. ولكن هذا الكتاب فريد من نوعه، فكاتبه أمريكي نال مركزاً سياسياً مرموقاً، دونه بعد دراسة دقيقة وتحريات واسعة عبر سنوات طويلة. إنه (جاك تني)، عضو مجلس شيوخ ولاية لوس أنجلوس سابقاً، ورئيس لجنة شكلت لمهمة خاصة، قدم كتابه قائلاً:
(إن هذا الكتاب ليس إلا صرخة لأبناء الولايات المتحدة والغرب والعالم أجمع، يحذرهم من الصهيونية التي تسعى للسيطرة على البلاد وتغيير معالمها، وتدمير الأمم والقضاء على كافة الأديان..)
(إنها القوى الصهيونية الخفية التي ورطت أمريكا في الحروب العالمية والحروب الفرعية الأخرى !! والقوى الصهيونية هي التي ستكون السبب في حرب عالمية ثالثة لإخضاع الدول العربية لإسرائيل وجعلها دويلات قزمة تدور في فلكها).
إنها قصة الصهيونية واليهود عبر التاريخ، ونشاطاتهم ومنظماتهم العالمية والمحلية، والأدوار التي لعبوها في إثارة الفتن والحروب ونشر المبادئ الهدامة، ودخول كل الميادين وتوجيه الصراعات من خلف الستائر، وكانت حكمتهم تقول (السيطرة على الملك أفضل من الجلوس على العرش).
وتعود قصة هذا الكتاب إلى سنة 1953 عندما أحست حكومة ولاية كاليفورنيا بأمريكا أن نشاطات غريبة وسرية وقوى خفية تسيطر على اقتصاد الولاية والنشاطات الحيوية فيها، فأوكلت إلى (جاك تني) وعدد من زملائه مهمة جمع المعلومات وتقصي الحقائق. وكان المؤلف أثناء بحثه يتلقى التهديدات بالموت ومضايقات سافرة وصلت إلى حد التلصص على هاتفه وشن حملات عليه في الصحافة.. ولكنه واصل البحث والتقصي، وكانت التقارير تجمع والمعلومات تتجمع، ولكنها كانت تتعرض للسرقة والحرق، لكن المؤلف ثبت حتى تجمعت كل المعلومات، وما أن أوشك على تقديم التقرير الضخم للحكومة حتى اختفى كل شيء. لكنه دون ملخصاً لذلك في كتاب ما كاد يخرج من المطبعة حتى اختفى من السوق.
فقد أحرقت الصهيونية والأجهزة الحليفة لها في العالم كل نسخ هذا الكتاب عندما صدر في الولايات المتحدة، ولم تبق منه إلا نسخ أقل من عدد أصابع اليد، منها هذه النسخة والتي كان للأستاذ (الصالحين نتفه) الجهود الموفقة في الوصول إليها عن طريق صديق للمؤلف نفسه.. وقد قمت بترجمته على حلقات في صحيفة (الفاتح) الليبية، ثم أعدت ترجمته للنشر إيماناً بأن من الواجب أن يوزع على نطاق عربي وعالمي.
يتابع المؤلف في فصول الكتاب المتتالية تحليل الشخصية اليهودية من خلال التلمود، كتابهم المقدس المليء بالخرافات والحقد على كل ما هو غير يهودي، والعداء لكل الشعوب الأخرى.
ويروي قصة تأسيس الصهيونية على يدي هرتزل، ويفصل في عرض وتقصي النفوذ المالي اليهودي في الغرب على أيدي أسرة آل روتشيلد ودور اليهود وبعض أفراد هذه الأسرة في الحرب العالمية الأولى والثانية، وكيف تحالفوا مع النازية في بداية الثانية، ثم ميلهم الواضح إلى الحلفاء عندما أدركوا رجحان كفتهم، ويبين كيف دفعوا (الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية ضد الألمان، تماماً كما حدث سنة 1917، ولو لم تتدخل الولايات المتحدة لما كان الصهاينة يحتلون اليوم أراضي العرب الفلسطينيين).
ويكشف (تني) دور يهود روسيا من الحركة الصهيونية العالمية، ويعود مع التاريخ إلى (يهود خزر) الذين اعتنقوا اليهودية في نهاية القرن الثامن عشر وتعصبوا لها كما لم يتعصب لها قوم آخر من اليهود.. ومنهم في روسيا، وعلى أيديهم قامت الثورة الشيوعية، وقادوا هم مظاهرات الخراب والدمار، وعندما افتلتت زعامة الكرملين من أيديهم هاجر الكثير منهم إلى الولايات المتحدة حاملين معهم نفس المبادئ والتعصب العجيب، وعاشوا فيها قوماً داخل أحياء (الغيتو) مع العمل في نفس الوقت على التخريب داخل المجتمع الأمريكي والسيطرة على اليهود، وعلى الكثير من أوجه الحياة فيها. ويعري المؤلف النشاطات السرية الصهيونية هناك وتنظيماتهم المتعددة العاملة تحت ستار محاربة معاداة السامية والافتراء، ودورهم في السيطرة على الإعلام الأمريكي، وخاصة الإذاعات ودور النشر، وتوجيه السياسة الأمريكية ومهازل انتخابات الرئاسة.. ثم يبين وسائل الصهيونية في السيطرة على اليهود الأمريكيين وابتزاز المال ونشر الرعب بينهم وإيهامهم أن الأشباح تطاردهم ولا سبيل لهم إلا التضامن مع المؤسسات اليهودية.
ويتحدث المؤلف عن مأساة (اغتصاب الأرض المقدسة)، وأساليب اليهود الإرهابية هناك، وكيف لعبت أمريكا وبريطانيا الدور الأكبر في قيام إسرائيل، وكيف كتب اليهود نص وعد بلفور ومن أوصله إلى الرئيس الأمريكي ليمليه على حكومة (صاحبة الجلالة) البريطانية.
وهناك حقيقة تخفى عن معظم الناس، وهي أن سنة 1897 شهدت مولد منظمتين يهوديتين الأولى: (الجمعية الاشتراكية اليهودية) لتدمير الحكومات والأديان والسيطرة على العالم. والثانية (المنظمة الصهيونية العالمية) للاستيلاء على فلسطين. ويبين المؤلف كيف أقام اليهود النظام الرأسمالي الربوي ودعموه في الغرب، وقادوا الثورة الشيوعية في الشرق، وذلك كله للسيطرة على العالم ومد أخطبوطهم في كل مكان.
وإذا كان المؤلف يؤكد على الصلة بين الشيوعية والصهيونية فهذا أمر واضح. وإذا كانت الصهيونية وإسرائيل حليفة للغرب ولأمريكا بالذات، فلأن مصالحها تتحقق بذلك التحالف. وإذا كان هناك عداء يبدو بين إسرائيل والكتلة الشيوعية، فلأن المصالح تباعدت، ولكن تبقى الحقيقة الكبرى، وهي أن الصهيونية تتحالف مع كل شيطان أينما كان، وتسير حيث مصلحتها ومصلحة اليهود في كل مكان، وفي نفس الوقت تبقى التنظيمات اليهودية منتشرة في كل مكان، ويظل لها نفوذ في الشرق والغرب لا ينكر.
إن المطامع الصهيونية لا تقف عند حد ولا تقنع بحيز ولا مكسب محدود.. وإذا بدا للبعض أن إسرائيل ستقنع بجزء من فلسطين والأرض العربية وأنها مستعدة للتعايش مع العرب وتريد السلام، فإن ذلك سراب خادع.. فاليهود مازالوا تحت سيطرة أحفاد يهود خزر، ومازالوا يحملون في قلوبهم عبارة التوراة (شلت يميني إن نسيتك يا أروشليم). ويردد رئيس وزرائهم اليوم، بعد توقيع اتفاقيات (كامب ديفيد): (شلت يميني إن تخليت عنك يا أورشليم).
أحمد اليازوري
سبتمبر 1978
المؤلف :
مؤلف هذا الكتاب هو (جاك ب. تني)، ولد سنة 1898 في ميسوري بالولايات المتحدة. وقد انتقل مع والده إلى لوس أنجلوس، وخدم في القوات الأمريكية بفرنسا ونال وسام الشرف سنة 1919.
كان في مستهل شبابه يميل إلى الموسيقى والبيانو بشكل خاص حتى برع فيه، ولكنه سرعان ما هجر الموسيقى وأصبح مهندساً معمارياً، غير أنه كان أصلاً يميل إلى التاريخ، ودرس القانون وأصبح أستاذاً فيه، ثم دخل مهنة المحاماة حتى وصل إلى المحكمة الأمريكية العليا سنة 1945.
ولما كان ذا شخصية لامعة، تحررياً في أفكاره السياسية، فقد كان هدفاً للقوى السرية العاملة على تدمير حركة العمال وحكومة الولايات المتحدة. ولكنه رفض الخضوع، فكان أن هزم في كل محاولات الترشح لمراكز قيادية في النقابات. وكانت تلك التجربة هي التي وضعته وجهاً إلى وجه مع الحركة السرية التآمرية، وظل ثمانية عشر عاماً يدرس ويبحث ويتحرى حتى توصل إلى ما توصل إليه عن القوى الصهيونية الخفية التي تجتاح الولايات المتحدة وتتحكم فيها.. ثم قضى ثمانية عشر عاماً أخرى في الحياة الوظيفية والخدمة العامة تأكد له فيها ما توصل إليه سابقاً.
في سنة 1936 انتخب في المجلس التشريعي بولاية كاليفورنيا حيث استمر لمدة ست سنوات. وفي سنة 1942 انتخب ممثلاً لمقاطعة لوس أنجلوس في مجلس شيوخ الولاية وظل حتى هزم سنة 1954. وبعدها تولى جمع مادة هذا الكتاب مع اللجنة المكلفة.. وعانى في ذلك ما عاناه حتى كانت محاولة قتله، لكنه نجا جزئياً إذ ظل يعاني من الشلل.. وفي الستينات ظهر هذا المؤلف لتطويه بسرعة الأيدي الخبيثة...
مقدمة المؤلف
لقد أنعم الخالق على الإنسان بقوة العقل والتعليل، وحباه القدرة على تحقيق إرادته حسبما يمليه عقله وضميره.. هذا الإنسان يتمتع ساعة مولده بشعور غريزي للمحافظة على بقائه، ويمتد ذلك الشعور للمحافظة على أسرته وعشيرته ووطنه. ولا تستطيع إلا أعتى المؤثرات الشريرة طمس هذه المواهب الإلهية، ومن المشكوك فيه أن تقدر كل القوى الخبيثة على فعل ذلك والاستمرار فيه زمناً طويلاً. إن الطفل سرعان ما يتعلم أن النار تحرق، ولا بد من بذل جهد كبير لإقناعه بعكس ذلك، طالما ظل يحمل آثار حروق تجاربه الأولى. غير أن الجنس البشري، لسوء الحظ، لا يحتفظ بآثار جروح وحروق التجارب والدروس المستقاة من التاريخ، ويظل كل جيل يتعرض للمعاناة من الحروق القديمة المتكررة.
والواقع أن التاريخ يعلم مختلف الشعوب دروساً مختلفة عن ظرف واحد وواقع متكرر واحد. والذين ينشدون القوة عن طريق السيطرة على الأمم يتعلمون من أخطاء الذين حاولوا قبلهم وفشلوا في محاولاتهم، فينتبهون للأخطاء ويتجنبون تكرارها. أما الذين لا يريدون لأنفسهم الاضطهاد والاستغلال فإن بوسعهم أن يتعلموا أساليب من قاوموا الاضطهاد والاستغلال ونجحوا، وتطبيق ذلك في محاولاتهم للتحرر والانعتاق.
وبينما يتواصل امتداد التاريخ في مشهد شامل متكامل الفصول والأحداث، يتضح فشل المصابين بجنون العظمة، لأن الأمة التي يريدون استعبادها تستطيع اللجوء إلى سيوفها وقواتها، لأنها عرفت كيف ترد الضربة. ومع ذلك فالأمة التي تهزم لا تخضع للعبودية لأنها تعرف الحرية وتتذكر حلو طعمها، وتثور عندما تواتيها الفرصة، والفرصة لا شك تأتي دائماً.
إذن، ما الدرس الذي يستفيده الذين يريدون السيطرة في يومنا هذا ؟ هل هناك طريقة جديدة ومختلفة يمكن بها إخضاع الناس ؟
إن الصراع اليوم يتميز بأنه يهدف إلى السيطرة على عقول الناس وعواطفهم. فوسائل الدعاية العالمية تخضع لتوجيه الذين يرمون إلى تسيير النخبة العالمية وتوجيهها، وتستخدم في ذلك الثورة والإرهاب بشكل مفرط. لذا نجد السياسي الخانع ينفذ ما يمليه عليه أسياده الذين يستطيعون رفعه أو دق عنقه كما شاءوا. أما الفاشلون والمخيبة آمالهم والمتمردون والتائهون فهم أدوات طبيعة في أيدي من يريدون استخدامهم لإفساد العقول وتمييع الأخلاق. لذا نجد الاستبدادية (الدكتاتورية) تتقدم على ألف جبهة، تلبس أقنعة مختلفة، حسب كل حال وموقف.
إذا كانت (الخيانة) كلمة قبيحة، ومعرفة تعريفاً واضحاً في دستور الولايات المتحدة، فإن (عدم الولاء) ليس له تعريفاً في الدستور، فتقديم المساعدات والسلوان لأعداء الوطن زمن الحرب لا يعتبر مجرد عمل يثير الاشمئزاز في نفس المخدوع، بل ويولد الاحتقار في قلب العدو، وربما يؤدي إلى كارثة. ولكن ما هي أعمال الخيانة الأشد دهاء وهولاً ؟ أليست هي التنازل عن الاستقلال والسيادة المكتسبتين بعد عناء شديد ؟ تنازل واستسلام بدون مقاومة ؟ الاستسلام لمن ؟ ولأي شيء ولأي سبب ؟ (لتجنب الحرب والانفجار المحتمل لقنبلة ذرية !) هذا هو الجواب.
إذا أمكن إقناع البشرية أن الشر خير وأن العبودية استقلال، فلن يرغب أحد بعد اليوم في أن يكون خيّراً أو أن يكون حراً. وإذا كان من الفطنة أن يصبح الإنسان مجرد شيء ثانوي في الآلة الجماعية، لا فرداً يتمتع بالكرامة الإنسانية، فإنه سيقنع بدور بسيط، أو لا يبالي مطلقاً بما يدور حوله. وإذا كان أسمى مفهوم ديني هو إنكار الله وعبادة المادة باعتبارها أعظم دين، أصبح الكل ملحداً بعيداً عن أي ولاء للعقيدة. وإذا ظلت معاني المفردات القديمة كما هي، بينما يجري بالتدريج عكس وقلب الظروف والحالات التي تصفها، أصبح من الممكن إجبار الجنس البشري على السير لتكبيل الأصفاد وحجب نور الحقيقة عن عينيه.
إن قلب المفاهيم عند الشعب وتحويل تفكيره السليم يتطلب الجهد الكبير، ولكن هذا يجري بسرعة، ويمكن أن يتحقق. وإذا أردنا تدوين عمليات القلب والتحويل الجارية على تفكير الشعب الأمريكي احتاج الأمر كتاباً ضخماً.
لما كان الأطفال، بطبيعتهم واستعدادهم للتأثر، سريعي التأثر، فإنهم بالتأكيد هم ضحايا حملات الدعاية وسمومها. والأطفال لا شك رجال المستقبل الذين يؤثرون على سير الانتخابات، وبمقدار النجاح في توجيه تفكيرهم يكون التحول في اتجاههم السياسي. وعندما يزول طموح التنافس نتيجة الدعاية الجماعية وسيطرتها وحدها، تتوقف الجهود الفردية والرغبة في التنافس والفوز، وحيثما تنعدم الجهود تنعدم الإنجازات، وحيثما يطمس الدين تنعدم الأخلاق، وبدون الأخلاق لا توجد الأسرة ويعم الشقاء المجتمع، ولا تبقى إلا الدولة.. وأفضل نوع من الدول التي تضم مجتمعاً بلا دين ولا وجه هي (الحكومة العالمية).
ولكن، ماذا عن الذين يخططون لهذه الشرور ؟ وكيف ينجون ؟ ما سوء عاقبة ما يبيتون لبقية الجنس البشري ؟ ألا يصنعون وحشاً سوف يقدم في النهاية على القضاء عليهم ؟ لكنهم لا يخافون.. فهم يعتقدون أنهم أحكموا خططهم، ويتجنبون بحذر شديد الحفر التي حفروها للآخرين. ونجدهم كذلك يتمتعون بمقدرة فطرية يكاد يستحيل معها أن يزاولوا ما يدعون غيرهم إليه وما يبشرون به. فبينما ينفقون ملايين الدولارات للدفاع عن الاندماج العنصري، ويتجنبون بمهارة فائقة مصاهرة غيرهم من الأجناس. وبينما يبشرون بالمبادئ العالمية، يزاولون أسوأ لون من التعصب القومي. وإذا كانوا يشهرون بمساوئ التعالي الجنسي، فهم في نفس الوقت يدعون أنهم شعب الله المختار. وبينما يستنكرون الاضطهاد والتعصب والحرب، نراهم عندما يتسلمون زمام أشد السلطة الناس مزاولة للاضطهاد وأكثر الناس تعصباً وأشدهم حباً للحروب، ونجدهم يمولون حروباً لا يخوضونها بأنفسهم ثم يخرجون وكأنهم هم المنتصرون. وهم يعيشون منذ ألفي سنة كأمة واحدة داخل الأمم، ليس لهم علم أو بلد. ورغم ما يقولونه من خيبة أمل ونكسات وعداوات صريحة من جانب الأمم التي عاشوا بينها، نتيجة سوء أفعالهم، مما وصمهم بالتحقير، لكنهم ظلوا مصممين على متابعة مخططاتهم الشريرة التي رسموها.
لقد أغلقت، تقريباً، كل سبل الخلاص من العبودية (الذي وضعه اليهود على رقبة أمريكا) ويقيمون عليها حراسات مشددة، وأن مجرد اقتراب أدنى الناس شجاعة من هذه السبل يبعث ألف صوت وصوت من أصوات النفير والإنذار. أما الذي يحاول الخلاص فإنه يلاقي مصرعه على أيدي من يريد مساعدتهم. وأما الذين يعرفون الحقيقة أو يفطنون إليها فإن مصيرهم هو التشهير بالجنون. إن القوى الشريرة لا تحب أن يسقط الشهداء في محاربتها لأن الشهداء أبطال، والأبطال ينجبون الزعماء والأتباع ! ويمكن القول باختصار (إن من الخطر الكفاح من أجل الحرية ومن أجل الاستقلال ـ من أجل دستور الولايات المتحدة).
كان لا بد من تأليف هذا الكتاب، سواء أكانت المنظمات المخربة المقصودة تتشكل من سويديين أو إيرلنديين أو إنجليز، تماماً كما كان يجب وضع الكتب عن الفاشيين في إيطاليا، والنازيين في ألمانيا، والبلشفيين في الاتحاد السوفياتي. وإذا ألفت الكتب عن الإيطاليين أو الألمان أو الروس لا نجد روح الحقد على الإيطاليين أو الألمان أو الروس كأفراد، أو على دياناتهم أو أجناسهم أو أصلهم العرقي. وكذلك الشأن بالنسبة لليهودية. إن ما يقدم إنسان على فعله يكون مبعث مدحه أو لعنه. فلا يمكن اتهام كل الألمان بجرائم هتلر، وليس الإيطاليون جميعهم مسئولين عن أعمال موسوليني، ولا تتهم كل الروس بما فعله ستالين أو الشيوعية.
وكذلك لا يلام كل اليهود بسبب تعصب الصهيونية، ولا يحملون كلهم مسئولية سياسة ونشاطات منظماتهم ووكالاتها. ولكن، وفي نفس الوقت، لا يوجد من بين مئات المنظمات اليهودية الأمريكية المنتعشة في الولايات المتحدة اليوم إلا منظمة واحدة يمكن اعتبارها أمريكية الولاء بشكل واضح. فقد رأينا عند (المجلس الأمريكي لليهودية) من الشجاعة ما دفعه لإعلان ولائه السياسي للولايات المتحدة والولاء الروحي لليهودية. ولذا فقد واجه الإهانات وسخط الصهاينة جزاء وطنيته، وقد كتب (موريس لازرون) في إبريل سنة 1952 في (أخبار المجلس) وهي النشرة الرسمية للمجلس الأمريكي لليهودية، يقول:
(لا يحق للفرد اليهودي شخصياً أن يتخذ قرارات يمليها عليه التفكير الوطني، ... ويجب أن يكون كل ما يقال أو ينفذ يهدف لمصلحة الشعب اليهودي ودولة إسرائيل).
إنه مما يسعد معظم اليهود الأمريكيين أن يندمجوا في الحياة الأمريكية، وأن يكونوا يهودا في الأمور التي تتعلق بالمشاعر فقط وأمريكيين في كل ما سوى ذلك.. والواقع أنه لو ترك لليهود الأمريكيين الحرية لما رضوا بأن يكون ولاؤهم لدولة أجنبية. لقد كانت الولايات المتحدة في وقت ما منارة الأمل ليهود العالم، وقد تدفقوا إليها من إسبانيا والبرتغال، ومن ألمانيا وهولندا بعد الثورة الأمريكية، وكذلك من أوروبا الشرقية بمئات الألوف في بداية القرن. وقد تركوا فرحين مساقط رؤوسهم، سعداء بتنشق هواء الحرية النقي.. وولت أيام الشرطة السياسية والملفات المتراكمة. وقد كان بنجامين فرانكلين أول المسيحيين الذي تبرعوا بسخاء لكنيس فيلاديلفيا وتلاشى بالتدريج حقد وكبرياء العالم على اليهود.
غير أن اليهود عندما دخلوا أمريكا بنوا أحياء (الغيتو)(1) والتي كانت مستعمرات لقوم يتحدثون نفس اللغة الأم، ويتمسكون بنفس التقاليد والعادات والدين. وقد كان يسكن هذه الأحياء اليهود الذين سكنوا أحياء (الغيتو) الأوروبية المسورة، والذين حاربوا التحرر الفردي وأصروا على نوع جديد من (الغيتو) أسموه (الأمة اليهودية). وأصبح ذلك الاتجاه هو روح الصهيونية الأمريكية ـ القوة الدافعة للصهيونية العالمية.
كانت كلمة (صهيون) أصلاً اسماً لمعقل (جبوسايت) الذي ربما كان الجزء الجنوبي من التل الشرقي في القدس. وبعد أن احتلها داود، بنى الهيكل فوقه، ثم امتد الاسم حتى يشمل التل بكامله. ومع الزمن أصبح الاسم مرادفاً لمدينة القدس..
لقد جاءت الصهيونية نتيجة التعلق بصهيون، مما دفع اليهود الذين نفوا إلى بابل إلى إعادة بناء الهيكل، وألهب الحماس في كفاح المكابيين (أسرة عبرية) ضد (أنتيوكس إيبفانس).
ورغم توالي القرون لم يفتر إيمان اليهود في (تجميع المشتتين) في فلسطين والسيطرة على العالم، وأن (لا بد أن يسود قانون صهيون). ولم يتغير شيء بالنسبة لليهود إلا تفسير الوسائل التي تحقق ذلك الهدف، وسائل جديدة للهدف القديم، وخطة مركزة بأسلوب علمي حديث، ولا داعي لبرامج وخرائط توضح الاستراتيجية، بل يكفي أن يكون الفهم الضمني أساساً للكنيس. ولم يكن الهدف اليهودي من إقامة السلطة الإسرائيلية على نطاق عالمي في فلسطين خطة (معترفاً بها) لاكتساح العالم لا في أذهان اليهود أنفسهم، وحسب تفسيرهم السري للتوراة والتلمود. ولقد ظل الوجود اليهودي نفسه طيلة ألفي سنة يشبع بهدف ذي حدين: تدمير الحضارة المسيحية وإقامة إسرائيل كقوة مسيطرة تحكم العالم بأسره. (الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب).
وقد أكد رئيس وزراء إسرائيل السابق بن غوريون في حديث له بمدينة نيويورك في 29 من مايو 1951 بأن إقامة الدولة اليهودية الجديدة (إسرائيل) ليس هو غاية أحلام الصهيونية، وأن الحركة الآن أكثر ضرورة من أي وقت مضى.
وأدلى لويس د. برانديس، من المحكمة الأمريكية العليا، ببيان صريح ومكشوف عن الأهداف اليهودية، ولكن قل من يتوقف ويتريث لتقصي حقائق الأمور.
ولقد رأينا التعلق الصهيوني بموسكو والمغالاة في حب فلسطين يسيران جنباً إلى جنب، ولم يجرؤ إلا القليل على لفت الأنظار إلى هذه الحقيقة(2). وهذا (دبنو) المؤرخ اليهودي، يعلن أن عقيدة الاشتراكية قد نمت مع العقيدة القومية الصهيونية (على خطين متوازيين)، وبهذا أوضح ما يتحتم أن يتوصل إليه كل خطاب يختص في دراسة هذا الموضوع. ومن أوضح الأمثلة على هذه الحقيقة هو (موسى هيس)، الحاخام الشيوعي، وصهيون (الجمعية الاشتراكية اليهودية) (الفصل السادس).
إن للفلسفة الماركسية والفلسفة الصهيونية أصل واحد، فكلاهما أداة لهدم الدين، وازميل لتفريق الشعوب وتشتيت مواطنيها. والماركسية فلسفة ملحدة هدفها مسخ الإنسانية إلى وحش فظيع، وهي عقيدة كره وعنف وسفك دماء، وما صيحة (الإخوة) و(المساواة) إلا شعارات خادعة وزائفة تؤدي إلى الحقد الطبقي والعبودية. وحيثما سارت الشيوعية نجد الأخ يكره أخاه، ونجد في طريقها جبالاً من القتلى وأنهاراً من الدماء، وهي عندما تبشر بالعالمية فإنما تهدف إلى إطفاء جذوة الروح الوطنية لكي لا يقاوم ضحاياها الغزو، وليس (المجتمع الخالي من الطبقات) الذي تدعو إليه إلا عالماً من العبيد والأسياد.
وقد ظلت مبادئ الشيوعية الخبيثة منذ (الإعلان الشيوعي) سنة 1918، تجد من يروج لها في كل مكان، وقد طورت وسائلها وأساليبها، وقام بذلك رجال دهاة في كل أرجاء العالم. والملاحظ أن المهاجرين اليهود حملوا مبادئها إلى الأماكن المزدحمة في (المنفى)، حيث صقلتها (الجمعيات الاشتراكية اليهودية)، وحقنت فيروسها في دماء الشعوب الأخرى. وأن فلسفتها اللاإنسانية تحمل سمة قابيل، وقد جردت ماديتها العالم من مثله وجاءت لنا بعصر الحيرة، ويعد أسلوبها المخادع جزءاً هاماً من الخطة، وربما الخطة نفسها.
ولا بد أن نوضح في هذا التحليل بأن اليهودية العالمية، مع أنها الوسيلة، إلا أنها ضحية هذه المخططات، كمثل بقية الشعوب. ومع أن اليهودية العالمية ربما تكون الوسيلة، فإن المسؤولين من الأمم الأخرى هم الأداة. وعندما نتفحص قوائم المخربين والمدمرين نجد الأسماء اليهودية تفوق كل ما عداها من الأسماء، ولكن قل من يشير إلى ذلك، خوفاً من الاتهام بمعاداة السامية.
إن من ينتقد اليهودية المنظمة يجابه دوماً بصيحة (معاداة السامية) حتى لو كان المنتقِد من اليهود أنفسهم.
وعندما يظهر هذا المُؤَّلف سيقابل بنفس الصيحة. ورغم أن الصهيونية حركة سياسية واقتصادية فلن يمنع ذلك اليهود من الرد مدعين بأن النقد يستهدفهم دينياً وعرقياً.
إن قضية (الحرية في مزاولة الدين) تقتضي دوماً حرية الضمير، حرية الإيمان بأي عقيدة أو عقائد دينية دون مساس بحريات الآخرين. وتشمل حرية الضمير هذه حق ممارسة المبادئ الأخلاقية لهذه العقائد في الحياة اليومية. ومع ذلك فالحريات الدينية، كغيرها من الحريات، ذات صلة دائمة بحريات الآخرين، أما الاعتقاد بخلاف ذلك فهو تدمير للحضارة.
وينطبق هذا على الإيمان باليهودية كدين، وهناك حقيقة تاريخية مذهلة، وهي أنه (لم يشك أحد قط من الجانب الديني البحت لليهودية).
لقد خدعت الأمم غير اليهودية دائماً بقبولها جميع النشاطات اليهودية على أنها (أعمال دينية)، والواقع أنها كانت دوماً درعاً متعدد الأغراض، وكانت في بعض الأحيان سلاحاً ذا قوة هائلة لا تصدق.
وفي الولايات المتحدة اليوم شبكة من منظمات التجسس والدعاية الصهيونية، تتجسس على اليهود وعلى غير اليهود، وتنشر الدعاية المؤثرة على الطرفين، ويتعرض اليهود الأمريكيون إلى الاستغلال دوماً فيدفعون عشرات الملايين سنوياً لدعم الوكالات المتعددة التي تضاهي بميزانياتها الإدارات الحكومية.
وقد بدأ الشعب الأمريكي يطرح الأسئلة وبدأ يطالب بالإجابة عليها، ولن يقنع إلى الأبد بظواهر الأمور.
لقد قادت هذه الدراسة والبحث إلى معرفة بعض الخفايا التاريخية التي كاد يستحيل الوصول إليها، وجاءت النتيجة كقصة مذهلة بل وصاعقة، ولكنها حقيقة لا يمكن نقضها أو تفنيدها. غير أنها ستواجه بالتأكيد، بالقمع بكل وسيلة ممكنة، وستبذل الجهود لتدميرها ومنعها من النشر والانتشار واطلاع الناس عليها. ولو فشلت هذه الجهود أو فشلت جزئياً فسوف تستغل كل وسائل الاتصال للنيل من المؤلف. وستلجأ القوى الخبيثة إلى استعمال كل الوسائل وأساليب السخرية، ومن المحتمل تماماً أن تنجح هذه الجهود، ولكن شيئاً واحداً لن يتم: فلن يحاول أحد تفنيد حقائقه أو مواجهة تحديه بنقاش صريح.
مؤلف هذا الكتاب هو (جاك ب. تني)، ولد سنة 1898 في ميسوري بالولايات المتحدة. وقد انتقل مع والده إلى لوس أنجلوس، وخدم في القوات الأمريكية بفرنسا ونال وسام الشرف سنة 1919.
كان في مستهل شبابه يميل إلى الموسيقى والبيانو بشكل خاص حتى برع فيه، ولكنه سرعان ما هجر الموسيقى وأصبح مهندساً معمارياً، غير أنه كان أصلاً يميل إلى التاريخ، ودرس القانون وأصبح أستاذاً فيه، ثم دخل مهنة المحاماة حتى وصل إلى المحكمة الأمريكية العليا سنة 1945.
ولما كان ذا شخصية لامعة، تحررياً في أفكاره السياسية، فقد كان هدفاً للقوى السرية العاملة على تدمير حركة العمال وحكومة الولايات المتحدة. ولكنه رفض الخضوع، فكان أن هزم في كل محاولات الترشح لمراكز قيادية في النقابات. وكانت تلك التجربة هي التي وضعته وجهاً إلى وجه مع الحركة السرية التآمرية، وظل ثمانية عشر عاماً يدرس ويبحث ويتحرى حتى توصل إلى ما توصل إليه عن القوى الصهيونية الخفية التي تجتاح الولايات المتحدة وتتحكم فيها.. ثم قضى ثمانية عشر عاماً أخرى في الحياة الوظيفية والخدمة العامة تأكد له فيها ما توصل إليه سابقاً.
في سنة 1936 انتخب في المجلس التشريعي بولاية كاليفورنيا حيث استمر لمدة ست سنوات. وفي سنة 1942 انتخب ممثلاً لمقاطعة لوس أنجلوس في مجلس شيوخ الولاية وظل حتى هزم سنة 1954. وبعدها تولى جمع مادة هذا الكتاب مع اللجنة المكلفة.. وعانى في ذلك ما عاناه حتى كانت محاولة قتله، لكنه نجا جزئياً إذ ظل يعاني من الشلل.. وفي الستينات ظهر هذا المؤلف لتطويه بسرعة الأيدي الخبيثة...
مقدمة المؤلف
لقد أنعم الخالق على الإنسان بقوة العقل والتعليل، وحباه القدرة على تحقيق إرادته حسبما يمليه عقله وضميره.. هذا الإنسان يتمتع ساعة مولده بشعور غريزي للمحافظة على بقائه، ويمتد ذلك الشعور للمحافظة على أسرته وعشيرته ووطنه. ولا تستطيع إلا أعتى المؤثرات الشريرة طمس هذه المواهب الإلهية، ومن المشكوك فيه أن تقدر كل القوى الخبيثة على فعل ذلك والاستمرار فيه زمناً طويلاً. إن الطفل سرعان ما يتعلم أن النار تحرق، ولا بد من بذل جهد كبير لإقناعه بعكس ذلك، طالما ظل يحمل آثار حروق تجاربه الأولى. غير أن الجنس البشري، لسوء الحظ، لا يحتفظ بآثار جروح وحروق التجارب والدروس المستقاة من التاريخ، ويظل كل جيل يتعرض للمعاناة من الحروق القديمة المتكررة.
والواقع أن التاريخ يعلم مختلف الشعوب دروساً مختلفة عن ظرف واحد وواقع متكرر واحد. والذين ينشدون القوة عن طريق السيطرة على الأمم يتعلمون من أخطاء الذين حاولوا قبلهم وفشلوا في محاولاتهم، فينتبهون للأخطاء ويتجنبون تكرارها. أما الذين لا يريدون لأنفسهم الاضطهاد والاستغلال فإن بوسعهم أن يتعلموا أساليب من قاوموا الاضطهاد والاستغلال ونجحوا، وتطبيق ذلك في محاولاتهم للتحرر والانعتاق.
وبينما يتواصل امتداد التاريخ في مشهد شامل متكامل الفصول والأحداث، يتضح فشل المصابين بجنون العظمة، لأن الأمة التي يريدون استعبادها تستطيع اللجوء إلى سيوفها وقواتها، لأنها عرفت كيف ترد الضربة. ومع ذلك فالأمة التي تهزم لا تخضع للعبودية لأنها تعرف الحرية وتتذكر حلو طعمها، وتثور عندما تواتيها الفرصة، والفرصة لا شك تأتي دائماً.
إذن، ما الدرس الذي يستفيده الذين يريدون السيطرة في يومنا هذا ؟ هل هناك طريقة جديدة ومختلفة يمكن بها إخضاع الناس ؟
إن الصراع اليوم يتميز بأنه يهدف إلى السيطرة على عقول الناس وعواطفهم. فوسائل الدعاية العالمية تخضع لتوجيه الذين يرمون إلى تسيير النخبة العالمية وتوجيهها، وتستخدم في ذلك الثورة والإرهاب بشكل مفرط. لذا نجد السياسي الخانع ينفذ ما يمليه عليه أسياده الذين يستطيعون رفعه أو دق عنقه كما شاءوا. أما الفاشلون والمخيبة آمالهم والمتمردون والتائهون فهم أدوات طبيعة في أيدي من يريدون استخدامهم لإفساد العقول وتمييع الأخلاق. لذا نجد الاستبدادية (الدكتاتورية) تتقدم على ألف جبهة، تلبس أقنعة مختلفة، حسب كل حال وموقف.
إذا كانت (الخيانة) كلمة قبيحة، ومعرفة تعريفاً واضحاً في دستور الولايات المتحدة، فإن (عدم الولاء) ليس له تعريفاً في الدستور، فتقديم المساعدات والسلوان لأعداء الوطن زمن الحرب لا يعتبر مجرد عمل يثير الاشمئزاز في نفس المخدوع، بل ويولد الاحتقار في قلب العدو، وربما يؤدي إلى كارثة. ولكن ما هي أعمال الخيانة الأشد دهاء وهولاً ؟ أليست هي التنازل عن الاستقلال والسيادة المكتسبتين بعد عناء شديد ؟ تنازل واستسلام بدون مقاومة ؟ الاستسلام لمن ؟ ولأي شيء ولأي سبب ؟ (لتجنب الحرب والانفجار المحتمل لقنبلة ذرية !) هذا هو الجواب.
إذا أمكن إقناع البشرية أن الشر خير وأن العبودية استقلال، فلن يرغب أحد بعد اليوم في أن يكون خيّراً أو أن يكون حراً. وإذا كان من الفطنة أن يصبح الإنسان مجرد شيء ثانوي في الآلة الجماعية، لا فرداً يتمتع بالكرامة الإنسانية، فإنه سيقنع بدور بسيط، أو لا يبالي مطلقاً بما يدور حوله. وإذا كان أسمى مفهوم ديني هو إنكار الله وعبادة المادة باعتبارها أعظم دين، أصبح الكل ملحداً بعيداً عن أي ولاء للعقيدة. وإذا ظلت معاني المفردات القديمة كما هي، بينما يجري بالتدريج عكس وقلب الظروف والحالات التي تصفها، أصبح من الممكن إجبار الجنس البشري على السير لتكبيل الأصفاد وحجب نور الحقيقة عن عينيه.
إن قلب المفاهيم عند الشعب وتحويل تفكيره السليم يتطلب الجهد الكبير، ولكن هذا يجري بسرعة، ويمكن أن يتحقق. وإذا أردنا تدوين عمليات القلب والتحويل الجارية على تفكير الشعب الأمريكي احتاج الأمر كتاباً ضخماً.
لما كان الأطفال، بطبيعتهم واستعدادهم للتأثر، سريعي التأثر، فإنهم بالتأكيد هم ضحايا حملات الدعاية وسمومها. والأطفال لا شك رجال المستقبل الذين يؤثرون على سير الانتخابات، وبمقدار النجاح في توجيه تفكيرهم يكون التحول في اتجاههم السياسي. وعندما يزول طموح التنافس نتيجة الدعاية الجماعية وسيطرتها وحدها، تتوقف الجهود الفردية والرغبة في التنافس والفوز، وحيثما تنعدم الجهود تنعدم الإنجازات، وحيثما يطمس الدين تنعدم الأخلاق، وبدون الأخلاق لا توجد الأسرة ويعم الشقاء المجتمع، ولا تبقى إلا الدولة.. وأفضل نوع من الدول التي تضم مجتمعاً بلا دين ولا وجه هي (الحكومة العالمية).
ولكن، ماذا عن الذين يخططون لهذه الشرور ؟ وكيف ينجون ؟ ما سوء عاقبة ما يبيتون لبقية الجنس البشري ؟ ألا يصنعون وحشاً سوف يقدم في النهاية على القضاء عليهم ؟ لكنهم لا يخافون.. فهم يعتقدون أنهم أحكموا خططهم، ويتجنبون بحذر شديد الحفر التي حفروها للآخرين. ونجدهم كذلك يتمتعون بمقدرة فطرية يكاد يستحيل معها أن يزاولوا ما يدعون غيرهم إليه وما يبشرون به. فبينما ينفقون ملايين الدولارات للدفاع عن الاندماج العنصري، ويتجنبون بمهارة فائقة مصاهرة غيرهم من الأجناس. وبينما يبشرون بالمبادئ العالمية، يزاولون أسوأ لون من التعصب القومي. وإذا كانوا يشهرون بمساوئ التعالي الجنسي، فهم في نفس الوقت يدعون أنهم شعب الله المختار. وبينما يستنكرون الاضطهاد والتعصب والحرب، نراهم عندما يتسلمون زمام أشد السلطة الناس مزاولة للاضطهاد وأكثر الناس تعصباً وأشدهم حباً للحروب، ونجدهم يمولون حروباً لا يخوضونها بأنفسهم ثم يخرجون وكأنهم هم المنتصرون. وهم يعيشون منذ ألفي سنة كأمة واحدة داخل الأمم، ليس لهم علم أو بلد. ورغم ما يقولونه من خيبة أمل ونكسات وعداوات صريحة من جانب الأمم التي عاشوا بينها، نتيجة سوء أفعالهم، مما وصمهم بالتحقير، لكنهم ظلوا مصممين على متابعة مخططاتهم الشريرة التي رسموها.
لقد أغلقت، تقريباً، كل سبل الخلاص من العبودية (الذي وضعه اليهود على رقبة أمريكا) ويقيمون عليها حراسات مشددة، وأن مجرد اقتراب أدنى الناس شجاعة من هذه السبل يبعث ألف صوت وصوت من أصوات النفير والإنذار. أما الذي يحاول الخلاص فإنه يلاقي مصرعه على أيدي من يريد مساعدتهم. وأما الذين يعرفون الحقيقة أو يفطنون إليها فإن مصيرهم هو التشهير بالجنون. إن القوى الشريرة لا تحب أن يسقط الشهداء في محاربتها لأن الشهداء أبطال، والأبطال ينجبون الزعماء والأتباع ! ويمكن القول باختصار (إن من الخطر الكفاح من أجل الحرية ومن أجل الاستقلال ـ من أجل دستور الولايات المتحدة).
كان لا بد من تأليف هذا الكتاب، سواء أكانت المنظمات المخربة المقصودة تتشكل من سويديين أو إيرلنديين أو إنجليز، تماماً كما كان يجب وضع الكتب عن الفاشيين في إيطاليا، والنازيين في ألمانيا، والبلشفيين في الاتحاد السوفياتي. وإذا ألفت الكتب عن الإيطاليين أو الألمان أو الروس لا نجد روح الحقد على الإيطاليين أو الألمان أو الروس كأفراد، أو على دياناتهم أو أجناسهم أو أصلهم العرقي. وكذلك الشأن بالنسبة لليهودية. إن ما يقدم إنسان على فعله يكون مبعث مدحه أو لعنه. فلا يمكن اتهام كل الألمان بجرائم هتلر، وليس الإيطاليون جميعهم مسئولين عن أعمال موسوليني، ولا تتهم كل الروس بما فعله ستالين أو الشيوعية.
وكذلك لا يلام كل اليهود بسبب تعصب الصهيونية، ولا يحملون كلهم مسئولية سياسة ونشاطات منظماتهم ووكالاتها. ولكن، وفي نفس الوقت، لا يوجد من بين مئات المنظمات اليهودية الأمريكية المنتعشة في الولايات المتحدة اليوم إلا منظمة واحدة يمكن اعتبارها أمريكية الولاء بشكل واضح. فقد رأينا عند (المجلس الأمريكي لليهودية) من الشجاعة ما دفعه لإعلان ولائه السياسي للولايات المتحدة والولاء الروحي لليهودية. ولذا فقد واجه الإهانات وسخط الصهاينة جزاء وطنيته، وقد كتب (موريس لازرون) في إبريل سنة 1952 في (أخبار المجلس) وهي النشرة الرسمية للمجلس الأمريكي لليهودية، يقول:
(لا يحق للفرد اليهودي شخصياً أن يتخذ قرارات يمليها عليه التفكير الوطني، ... ويجب أن يكون كل ما يقال أو ينفذ يهدف لمصلحة الشعب اليهودي ودولة إسرائيل).
إنه مما يسعد معظم اليهود الأمريكيين أن يندمجوا في الحياة الأمريكية، وأن يكونوا يهودا في الأمور التي تتعلق بالمشاعر فقط وأمريكيين في كل ما سوى ذلك.. والواقع أنه لو ترك لليهود الأمريكيين الحرية لما رضوا بأن يكون ولاؤهم لدولة أجنبية. لقد كانت الولايات المتحدة في وقت ما منارة الأمل ليهود العالم، وقد تدفقوا إليها من إسبانيا والبرتغال، ومن ألمانيا وهولندا بعد الثورة الأمريكية، وكذلك من أوروبا الشرقية بمئات الألوف في بداية القرن. وقد تركوا فرحين مساقط رؤوسهم، سعداء بتنشق هواء الحرية النقي.. وولت أيام الشرطة السياسية والملفات المتراكمة. وقد كان بنجامين فرانكلين أول المسيحيين الذي تبرعوا بسخاء لكنيس فيلاديلفيا وتلاشى بالتدريج حقد وكبرياء العالم على اليهود.
غير أن اليهود عندما دخلوا أمريكا بنوا أحياء (الغيتو)(1) والتي كانت مستعمرات لقوم يتحدثون نفس اللغة الأم، ويتمسكون بنفس التقاليد والعادات والدين. وقد كان يسكن هذه الأحياء اليهود الذين سكنوا أحياء (الغيتو) الأوروبية المسورة، والذين حاربوا التحرر الفردي وأصروا على نوع جديد من (الغيتو) أسموه (الأمة اليهودية). وأصبح ذلك الاتجاه هو روح الصهيونية الأمريكية ـ القوة الدافعة للصهيونية العالمية.
كانت كلمة (صهيون) أصلاً اسماً لمعقل (جبوسايت) الذي ربما كان الجزء الجنوبي من التل الشرقي في القدس. وبعد أن احتلها داود، بنى الهيكل فوقه، ثم امتد الاسم حتى يشمل التل بكامله. ومع الزمن أصبح الاسم مرادفاً لمدينة القدس..
لقد جاءت الصهيونية نتيجة التعلق بصهيون، مما دفع اليهود الذين نفوا إلى بابل إلى إعادة بناء الهيكل، وألهب الحماس في كفاح المكابيين (أسرة عبرية) ضد (أنتيوكس إيبفانس).
ورغم توالي القرون لم يفتر إيمان اليهود في (تجميع المشتتين) في فلسطين والسيطرة على العالم، وأن (لا بد أن يسود قانون صهيون). ولم يتغير شيء بالنسبة لليهود إلا تفسير الوسائل التي تحقق ذلك الهدف، وسائل جديدة للهدف القديم، وخطة مركزة بأسلوب علمي حديث، ولا داعي لبرامج وخرائط توضح الاستراتيجية، بل يكفي أن يكون الفهم الضمني أساساً للكنيس. ولم يكن الهدف اليهودي من إقامة السلطة الإسرائيلية على نطاق عالمي في فلسطين خطة (معترفاً بها) لاكتساح العالم لا في أذهان اليهود أنفسهم، وحسب تفسيرهم السري للتوراة والتلمود. ولقد ظل الوجود اليهودي نفسه طيلة ألفي سنة يشبع بهدف ذي حدين: تدمير الحضارة المسيحية وإقامة إسرائيل كقوة مسيطرة تحكم العالم بأسره. (الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب).
وقد أكد رئيس وزراء إسرائيل السابق بن غوريون في حديث له بمدينة نيويورك في 29 من مايو 1951 بأن إقامة الدولة اليهودية الجديدة (إسرائيل) ليس هو غاية أحلام الصهيونية، وأن الحركة الآن أكثر ضرورة من أي وقت مضى.
وأدلى لويس د. برانديس، من المحكمة الأمريكية العليا، ببيان صريح ومكشوف عن الأهداف اليهودية، ولكن قل من يتوقف ويتريث لتقصي حقائق الأمور.
ولقد رأينا التعلق الصهيوني بموسكو والمغالاة في حب فلسطين يسيران جنباً إلى جنب، ولم يجرؤ إلا القليل على لفت الأنظار إلى هذه الحقيقة(2). وهذا (دبنو) المؤرخ اليهودي، يعلن أن عقيدة الاشتراكية قد نمت مع العقيدة القومية الصهيونية (على خطين متوازيين)، وبهذا أوضح ما يتحتم أن يتوصل إليه كل خطاب يختص في دراسة هذا الموضوع. ومن أوضح الأمثلة على هذه الحقيقة هو (موسى هيس)، الحاخام الشيوعي، وصهيون (الجمعية الاشتراكية اليهودية) (الفصل السادس).
إن للفلسفة الماركسية والفلسفة الصهيونية أصل واحد، فكلاهما أداة لهدم الدين، وازميل لتفريق الشعوب وتشتيت مواطنيها. والماركسية فلسفة ملحدة هدفها مسخ الإنسانية إلى وحش فظيع، وهي عقيدة كره وعنف وسفك دماء، وما صيحة (الإخوة) و(المساواة) إلا شعارات خادعة وزائفة تؤدي إلى الحقد الطبقي والعبودية. وحيثما سارت الشيوعية نجد الأخ يكره أخاه، ونجد في طريقها جبالاً من القتلى وأنهاراً من الدماء، وهي عندما تبشر بالعالمية فإنما تهدف إلى إطفاء جذوة الروح الوطنية لكي لا يقاوم ضحاياها الغزو، وليس (المجتمع الخالي من الطبقات) الذي تدعو إليه إلا عالماً من العبيد والأسياد.
وقد ظلت مبادئ الشيوعية الخبيثة منذ (الإعلان الشيوعي) سنة 1918، تجد من يروج لها في كل مكان، وقد طورت وسائلها وأساليبها، وقام بذلك رجال دهاة في كل أرجاء العالم. والملاحظ أن المهاجرين اليهود حملوا مبادئها إلى الأماكن المزدحمة في (المنفى)، حيث صقلتها (الجمعيات الاشتراكية اليهودية)، وحقنت فيروسها في دماء الشعوب الأخرى. وأن فلسفتها اللاإنسانية تحمل سمة قابيل، وقد جردت ماديتها العالم من مثله وجاءت لنا بعصر الحيرة، ويعد أسلوبها المخادع جزءاً هاماً من الخطة، وربما الخطة نفسها.
ولا بد أن نوضح في هذا التحليل بأن اليهودية العالمية، مع أنها الوسيلة، إلا أنها ضحية هذه المخططات، كمثل بقية الشعوب. ومع أن اليهودية العالمية ربما تكون الوسيلة، فإن المسؤولين من الأمم الأخرى هم الأداة. وعندما نتفحص قوائم المخربين والمدمرين نجد الأسماء اليهودية تفوق كل ما عداها من الأسماء، ولكن قل من يشير إلى ذلك، خوفاً من الاتهام بمعاداة السامية.
إن من ينتقد اليهودية المنظمة يجابه دوماً بصيحة (معاداة السامية) حتى لو كان المنتقِد من اليهود أنفسهم.
وعندما يظهر هذا المُؤَّلف سيقابل بنفس الصيحة. ورغم أن الصهيونية حركة سياسية واقتصادية فلن يمنع ذلك اليهود من الرد مدعين بأن النقد يستهدفهم دينياً وعرقياً.
إن قضية (الحرية في مزاولة الدين) تقتضي دوماً حرية الضمير، حرية الإيمان بأي عقيدة أو عقائد دينية دون مساس بحريات الآخرين. وتشمل حرية الضمير هذه حق ممارسة المبادئ الأخلاقية لهذه العقائد في الحياة اليومية. ومع ذلك فالحريات الدينية، كغيرها من الحريات، ذات صلة دائمة بحريات الآخرين، أما الاعتقاد بخلاف ذلك فهو تدمير للحضارة.
وينطبق هذا على الإيمان باليهودية كدين، وهناك حقيقة تاريخية مذهلة، وهي أنه (لم يشك أحد قط من الجانب الديني البحت لليهودية).
لقد خدعت الأمم غير اليهودية دائماً بقبولها جميع النشاطات اليهودية على أنها (أعمال دينية)، والواقع أنها كانت دوماً درعاً متعدد الأغراض، وكانت في بعض الأحيان سلاحاً ذا قوة هائلة لا تصدق.
وفي الولايات المتحدة اليوم شبكة من منظمات التجسس والدعاية الصهيونية، تتجسس على اليهود وعلى غير اليهود، وتنشر الدعاية المؤثرة على الطرفين، ويتعرض اليهود الأمريكيون إلى الاستغلال دوماً فيدفعون عشرات الملايين سنوياً لدعم الوكالات المتعددة التي تضاهي بميزانياتها الإدارات الحكومية.
وقد بدأ الشعب الأمريكي يطرح الأسئلة وبدأ يطالب بالإجابة عليها، ولن يقنع إلى الأبد بظواهر الأمور.
لقد قادت هذه الدراسة والبحث إلى معرفة بعض الخفايا التاريخية التي كاد يستحيل الوصول إليها، وجاءت النتيجة كقصة مذهلة بل وصاعقة، ولكنها حقيقة لا يمكن نقضها أو تفنيدها. غير أنها ستواجه بالتأكيد، بالقمع بكل وسيلة ممكنة، وستبذل الجهود لتدميرها ومنعها من النشر والانتشار واطلاع الناس عليها. ولو فشلت هذه الجهود أو فشلت جزئياً فسوف تستغل كل وسائل الاتصال للنيل من المؤلف. وستلجأ القوى الخبيثة إلى استعمال كل الوسائل وأساليب السخرية، ومن المحتمل تماماً أن تنجح هذه الجهود، ولكن شيئاً واحداً لن يتم: فلن يحاول أحد تفنيد حقائقه أو مواجهة تحديه بنقاش صريح.
(1) ـ الغيتو هو الحي المنعزل ذي الأسوار العالية الذي اعتاد اليهود الحياة فيه منفصلين عن غيرهم من السكان الآخرين.
(2) ـ لقد كان الصهاينة من أبرز قادة الحركة البلشفية والثورة الشيوعية في روسيا، وظلت الحركة الصهيونية تعول الكثير على موسكو، وكان اليهود المهاجرون من روسيا للولايات المتحدة هم أول من بشر بالماركسية هناك. ولم تتبدل العلاقات الروسية ـ الصهيونية إلا بعد أن اتخذت إسرائيل خطاً واتجاهاً حاسماً في تحالفها مع الولايات المتحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق